( فيك حاجة متغيرة ) جملة سمعها من صديقه أحمد , لم يفاجأ بها , فهي لم تكن المرة الأولى التي يسمعها , فقد تكررت كثيراً , خاصة في الفترة الأخيرة ( من حوالي سنة )0 و لكنه وجدها فرصة لكي يعرف ما هو الشيء الذي تغير فيه , فأحمد من أكثر من يفهمه , و ها هو – أحمد - يرفع نظارته عن عينيه ثم يعيدها و كأنه يريد أن يتأكد مما يراه
( فيك حاجة متغيرة فعلا ) ظل أحمد يقولها و يرددها و هو ينظر إلى وجهه متأملا , فسأله عن هذا الشيء , فكان رده الذي رفع ضغط دمه : مش عارف , بس فيك حاجة متغيرة
قال لنفسه : المطلوب مني أن أعرف ما هو هذا التغيير !؟ سبحان الله , أليس هم من يصرون أن ( فيا حاجة متغيرة ) !؟ من المفروض أن يخبروني ما هو هذا الشيء , هل – مثلا – انتقلت أنفي من مكانها ؟؟
لو حدث هذا ستكون مشكلة كبيرة , فقد تم نقل الأنف بدون ترخيص من الحي , و هذا سيستدعي إرسال البلدية بإذن إزالة للأنف من الوجه ( أو المكان التي أصبحت فيه ) و أصبح بدون أنف , كيف سأشم حينها ؟؟
تحسس وجهه , كل شيء في مكانه , الحمد لله , و لكن ما هو الذي تغير فيه ؟
عاد إلى البيت و جلس أمام المرآة و أضاء الأنوار , و بدأ في تأمل وجهه , هو هو هو, نفس الأنف , نفس الأذن , نفس .. ( انتظر ما هذا !؟ هناك شيء قد تغير في شعري ) – صاح بها عندما بدأ في التدقيق , هذا اللون الأبيض لم يكن موجودا من قبل , هل هو تراب ؟ نفض شعره و لكن بقي الوضع على ما هو عليه . شيب واضح جلي . بصراحة , كان يراه منذ فترة و لكنه كان يختبأ خلف الشعر الأسود , يستحي أن يظهر , أما الآن فقد تجرأ و أعلن عن وجوده بقوة يطل من الشعر الأسود كما تطل النجوم المضيئة في السماء السوداء , ما أجرأك أيها الشيب !؟ ما الذي دعاك للظهور هكذا دون حياء !؟ ألا تنتظر عدة أعوام أخرى , فهو ما زال صغيرا ( هذا ما يعتقده على الأقل و قد يختلف معه البعض ).
تأمل وجهه , هناك تغير مرصود بالفعل . ما هذا العبوس !؟ لقد حُفر على جانبي الفم أخدودين عميقين من كثرة ( التبويز )0كان يذكر فيما سبق أنه كان يشتهر بابتسامته , أما الآن فقد كان يسمع البعض يقول له : أشتاق لرؤية ابتسامتك ,. كان يظن حينها أنه يقصدون بذلك أنهم يحبون ابتسامته , أما الآن فقد فهم المقصود , بالفعل أصحابه يشتاقون ليرونه يفك هذه ( التكشيرة ) و يبتسم , أين ذهبت هذه الابتسامة ؟ أين اختفت ؟ هل سرقها أحد ؟
ثم جاءت الطامة الكبرى عندما نظر إلى عينيه . هو يفتقد شيئا كان يراه , بريقا كان يظهر و يضيء في عينيه , لم يعد يراه . بريق أمل و طموح , بريق إصرار و عزم , بريق قوة و همة , انطفأ مع السنين . هو لا يعشق الظلام و لم يغضب البريق يوما , فلماذا فارق عينيه ؟ هل العيب في العين أم في البريق ؟ ما الذي قتل هذا الشعور الذي كان يشعر به فينعكس بريقا ؟ من الذي ضغط على زر الكهرباء فأطفأ البريق؟
التفت خلفه و نظر إلى النتيجة المعلقة على الحائط يتأمل الرقم الكودي للسنة , 2007 , يا نهار أبيض – يبدو أنه قد كبر بالفعل , مرت السنون دون أن يشعر , سرق منه العمر , هربت منه الأيام
بدأ يسترجع شريط ذكرياته – كما يحدث في الأفلام بالضبط – ضغط على REPLAY و رأى السنوات السابقة , قرارات أخذها يندم عليها الآن أشد الندم , أحلام و طموحات لم تتحقق , أمال لم يصل إليها , أصحاب فارقهم , أحباب فارقوه , ساعات و أيام و أشهر مرت دون فائدة , فرص فاتته , فرص هو فاتها , كم شرد عن الطريق ؟ كم اقترف من الذنوب , كم فعل من الخطايا ؟ كم قصر ؟ و كم تجرأ على ربه ؟
نعم هو ينظر إلى السلبيات فقط , و لكن هذا ما رآه و تذكره , و كأن الايجابيات التي كانت في حياته قد اختفت تماما
قال لنفسه : يجب أن أتغير أو بمعنى أدق أغير التغيير , أعود كما كنت , بل أفضل . ابتسم و أحلم ,أطمح و أحقق , أفك شفرة نفسي فأعيد صياغتها , يجب أن أصنـ ( قاطعه جرس التليفون )0
ترررن ترررن .... ترررتررن
السلام عليكم
و عليكم السلام و رحمة الله
أيوه يا أحمد
مش أنا عرفت إيه اللي إتغير فيك !0
خير ؟
انت غيرت تسريحة شعرك , صح ؟ على فكرة كده أحسن كتير
........................
إيه ده !؟ بتعيط ليه
.......................
آلو .. آلو
8 comments:
وهكذا ....
تمضى أيامنا ولا نشعر بها ؛ تنقضى أحلامنا دون أن نعايشها ...
تمر أسعد سنوات عمرنا دون أن نعرف ...
الا...
الا أننا يمكننا أن نتوقف لنعيد صياغة أيامنا ؛ لنعيد التفكير فيما نفعله فى أنفسنا ..
وحينها : يمكننا أن نشكل أحلامنا ؛ ونراها أمام أعيننا ...
ثق فى ذلك ؛ ولا تعتقد أن مجرد انقضاء بضع سنوات ؛ ان حياتنا انقضت ؛ فالقادم أنقى ؛ وأجمل ؛ وأصفى ؛ وأكثر أملا _ باذن الله _
اصرار أمل
يقول محمد منير في أحد أغانيه
لو بطلنا نحلم نموت
لو عاندنا نقدر نفوت
لو عدينا مرة خلاص
لو عاندنا ضاع الخلاص
حبة صبر حبة حماس
يبقى الحلم صورة و صوت
لو بطلنا نحلم نموت
فضفضة
كل شىء بيتغير و لازم احنا كمان نتغير معاه بس المهم نتغير للأحسن وللأنسب
على فكرة .. أسلوبك حلو اوى و عجبنى
هذا الموضوع يبين أختلاف التفطير لدي كل شخص
واحدد ينظر للمضهر ال شعر
و الآخر ظل يبحث في شريط عمره كله يري التغيير و الطموحات الأهداف
بالنسبة لموضوع تحقيق الأهداف كنت عاوز اعرف كيف أركز فيما أعمل
لان الواحد بيواجه مصاعب في موضوع التركيز في الأعمال الذهنية كالمذاكرة
مشروع بطل
نعم كل شيء بيتغير , و لكن في كثير من الأوقات لا نشعر بهذا التغير إلا بعد فوات الأوان أو بعد انتهاء التغيير فلا نستطيع اللحوق به و ينتهي العمر - يا عمر - و لا ندري ماذا قد حدث
و بالتالي أرى أنه من الواجب علينا أن نعرف ماذا نريد و أن نكون أسباب
التغيير لا أن نكون مجرد نتائج للتغيير , و بالطبع أنا أتحدث هنا عن التغييرات التي تكون على المستوى الشخصي
و لي الشرف بجد أن يعجبك أسلوبي
محمد
أحمد
جميل أن تنتبه لهذا الأمر , بالفعل قد يرى البعض ما لا تراه و قد ترى أنت ما لا يراه الآخرون
أما بالنسبة لسؤالك , فقد سألت عن عظيم و لا أظن أن المجال يكفي للحديث في هذا الأمر و ان شاء الله ستجد قريبا موضوعا يجيب عن سؤالك بمجرد أن أسأل من يعرف عن الاجابة و أعرفها و أجيبك
محمد
أكيد كل شىء بيتغير
ولكن بيكون معظم التغيير للأسوأ إذا لم نكن قد أخلصنا النية فى أعمالنا لإحداث هذا التغيير
ولكن لو أخلصنا نيتنا لله فى جميع أفعالنا التى نبغى بها التغيير فسنجد التغيير للأفضل حتما سيكون للأفضل
حتى وإن بدا التغيير فى بدايته أنه للأسوأ إلا أن الزمن سيثبت بعد ذلك انه للأفضل
جزاك الله خيرا
أسلوبك رائع جدا
على فكرة تنفع تكون سيناريست او كاتب روائى
Post a Comment