لماذا كل من حولي يمشي على قدمين و أنا أزحف علي يدين ؟
سؤال تردد في ذهنه و وجد صدى في عقله . نظر من حوله , نعم هو لا يتخيل بالتأكيد , فكل من حوله يسير , يمشي , يسرع الخطى , يقفز , يجري , إلا هو , يزحف في بطء شديد
قرر أن يفعل مثلهم , نعم قد آن الأوان للوقوف على القدم , للمشي , بل للجري , فليقفز مثلهم
لا , لا يكفي , يجب أن يتفوق عليهم , يجب أن يطير و يحلق في السماء كالطائر الذي رآه من شرفة غرفته يمد جناحيه في الهواء
استند إلى المسند بجواره , وقف على قدميه , و بوقوفه توقف الجميع من حوله عن الحركة , كل العيون اتجهت إليه
ما هذا الفضول ؟ لماذا ينظرون إلي ؟ لماذا لا ينصرفون إلى حالهم و يهتمون بشؤونهم ؟ بالتأكيد هم ينتظرون سقوطي
حاول أن يرفع قدما
حبس الجميع أنفاسهم, ماذا تراه سيفعل ؟
ها هي القدم اليمنى ترتفع ثم تعود إلى الأرض
ينبهر من حوله بما فعل
ما الداعي للانبهار !؟ أنا لم أفعل شيئا بعد , ماذا ستفعلون عندما أطير في السماء ؟
رفع قدمه اليسرى حتى تلحق باليمنى التي سبقتها , ها هي أول خطوة كاملة , ينظر إلى من حوله في فرح و لكن السعادة لم تكتمل , فهو لم ينتبه أنه قد ابتعد عن المسند فلم يستطع أن يستمر في الوقوف , يرتبك من نظراتهم , يتعثر في أنفاسهم , يسقط
الضحكات تتعالى من حوله
آه لو أدري لماذا يضحكون ؟ أمني يسخرون ؟ هم سعداء بسقوطي و لا يشعرون بآلامي , يجب أن أقوم و أسير , بل أطير
قدموا له أيديهم , لم يقبلها , هو يريد أن يسير بمفرده , لكنه في كل مرة يسقط , يكرر المحاولة و يتكرر السقوط و كأن جسده غير مناسب لأن تحمله قدماه .ينظر إليهم بعين دامعة , يقدمون أيديهم مرة أخرى
يمسك بأيديهم , يقف ,يحرك قدمه اليمنى
كتموا أنفاسهم
يحرك قدمه اليسرى
نظرات انبهار تظهر في العيون
يخطو خطوات بطيئة
بسمات ترتسم على الشفاه
يترك أيديهم , في الحقيقة هم من أبعدوها بعد أن علموه سر المشي
يحرك قدمه اليمنى , يحرك قدمه اليسرى , يزداد في السرعة
هتافات من حوله
يزداد في السرعة
فرح من حوله
يزداد في السرعة
يتحول المشي إلى جري
يصفق من حوله غير مصدقين
يجري إلى حضن أمه , تحضنه بشدة و هي لا تصدق عينها , ابنها الصغير قد تعلم المشي