لا يدري ما الذي استدعى تلك الذكريات التي رسمت على وجهه – دون أن يشعر – ابتسامة حزينة
ربما هو الشوق
الشوق لأيام منتهى البساطة ... حيث لا تعقيدات و لا تركيبات
الشوق لما قبل ظهور تلك الشعيرات المتناثرة تحت أنفه ... والتجعيدات حول عينيه و فمه
الشوق لأيام كان لا يكتفي أن يعبر عن سعادته بالابتسام , و لكن بضحكة تخرج من قلبه بأعلى صوته دون خجل , فيحملها النسيم من حوله حتى يصل بها إلى السماء فتزداد الشمس ضياء و ترد عليه الدنيا بضحكة مثلها
أيام كان لا يعرف فيها معنى كلمة ( منطق ) أو ( حدود ) , بل كان يفعل ما يريد كالطائر يحلق في فضاء الكون
يا مراكبي .. شد القلوع يا مراكبي
ما فيش رجوع .. يا مراكبي
أيام التصييف في الاسكندرية و مطروح مع العائلة قبل اكتشاف شرم و مارينا
يرى البحر فيجري إليه , يحضنه , تستقبله أمواجه فيقفز فوقها , و تزحف من تحته تهدهده و تذهب , و تأتي موجة أخرى فترفعه لأعلى فيرفع يده إلى قرص الشمس يريد أن يلمسه و لكنه لا يستطيع فيكتفي بشعور النشوة من قربه منه
كان لا يعرف المشي , بل الجري دائما , و كأنه يريد أن يلحق بزمن يسارع من حوله فيخطف من عمره أيام و سنين
يا ليل من غير حبيب
يا ليل أمرك عجيب
كان لا يعرف كيف يكره , بل يحب دون أن يتعلم كيف يحب
أيام لعب الكرة في الشارع و البحث عن حجرين لجعلهما عرضتين الجون
أيام الاجتماع مع ( عيال العيلة ) حول (باجور ) جدته للتدفئة في الشتاء
أيام أخذ ملابس العيد الجديدة في الحضن اثناء النوم و انتظار الفجر بفارغ الصبر لملاقاة الأصحاب و الالتفاف حول ميكروفونات الجامع لرفع الأصوات بتكبيرات العيد
الورد كان في كل مكان طارح مطارح لحبي
و الكون ده كان زمان مايسعش حتة من قلبي
كان طفلا ... 0
فأين ذهب ذلك الطفل ؟
بحث عنه كثيرا و لم يجده
ربما وجد له أثارا ... و لكن لم يجده بأكمله
بالفعل يشتاق إليه
يشتاق إليه ... و لكن لا يتمنى أن يعود
لأنه بمنتهى البساطة لو عاد فماذا سيتذكر عندئذ !؟
و كيف سيبتسم ؟؟
يا مراكبي شد القلوع ... يا مراكبي
مفيش رجوع
.................................................................................................
أغنية لمحمد منير