Monday, January 1, 2007

البداية


تسألينني يا ( ريم ) لماذا أكتب ! و هل هذا سؤال ؟
ما أعجب أسئلتك ! كنت أنتظر منك أن تسألينني لماذا لم أكتب كل هذه الفترة ؟
كيف لم أمسك بالقلم فاصطاد به تلك الخواطر التي من حولي فأقيدها بالتدوين و التسجيل ؟
أعترف يا ( ريم ) إنني حاولت كثيراً و لكنه كان يعصاني منذ سنين
من ؟
بالطبع القلم , كان لا يريد أن يطاوعني . حاولت معه كثيرا , ألححت عليه أن يكتب , و في كل مرة يصرخ في وجهي : أرفض الكتابة , أرفض التعبير , أرفض التدوين , أرفض التسجيل , أرفض أرفض أرفض
هل تتذكرين إصرار الفلاحين في فيلم شيء من الخوف على أن جواز عتريس من فؤادة باطل و رفضهم لهذه الزيجة التي جاءت ضد إرادة فؤادة , كان قلمي أشد إصراراً منهم في رفض الكتابة , فخفت أن يفعل معي كما فعل عتريس في الفلاحين و يحرق لي الورق الذي أكتب عليه
أسمعك تسألين بصوت فيه سخرية : و ما الذي جعله يوافق على طلبك الآن ؟
العجيب يا ريم أنني لم أطلب منه هذه المرة شيئاً , لقد فوجئت به يكتب من تلقاء نفسه , و لا أدري ما الذي دعاه لهذا الأمر ! كان يأبى أن يكتب , أما الآن فهو يأبى إلا أن يكتب
هل شعر قلمي أخيراً بأهمية الكتابة ؟
و لكنه لم ينكرها يوماً
هل بدأ في الكلام لأنني لم أطلب منه منذ فترة أن يكتب و لم أغصب عليه فشعر بحريته و أنه قد تحرر من قيده , يكتب ما يريد ؟
أم أنه – ربما – شعر أخيراً بما أشعر به و يشعر به كثير من أبناء جيلي ( أنا في العشرينات كما تعلمين ) شعر بهذه الحاجة الملحة ( للفضفضة ) . شعر بأهمية إلقاء ما في داخله و إلا سينفجر
الأفكار تحتشد من كل مكان و تنساب داخله , هموم كثيرة و آلام عدة , أحلام كبيرة و مشاعر شتى , فضاق بكل ذلك فقرر أن يتكلم
و من سيسمع ؟ قوليها يا ( ريم ) و لا تخجلي . من قال أنه طلب أن يسمعه أحد ؟! , لقد رأيته كثيراً يحاول أن يتكلم , يفضفض لغيره , يشتكي , يبث ألامه , و لكن للأسف لم يسمعه أحد , و حتى من سمعه لم يفهمه , حتى أنا كنت منشغلاً عنه , حاول أن يشتكي لي أكثر من مرة و في كل مرة أسمعه أطلب منه أن يكتب و يعبر .. يكتب و يعبر عن مشاعري و أحاسيسي أنا , فكان يرفض
أما الآن فقد قرر يا ( ريم ) أن يتكلم , يعبر عن مشاعره هو , لا يهم من سيسمع و لكن المهم أن يتكلم
أمسك يدي و أخذ يكتب , فلتسمعي له معي يا ( ريم ) , فلم يبق له إلا أنا و أنت , و قد وعدناه ألا نتركه .لا أعدك أنك ستستمتعين بكل ما تسمعين , و لكن ربما نسمع ما سنضحك عليه سويا , أو نبكي سويا , قد نسمع منه الأمور التافهة التي لا تستحق الحبر الذي كتبت به , و قد نسمع ما نتأثر به , المهم أن نسمع
و أنت يا قلم
اتكلم .. اتكلم
محلى الكلام .. ما ألزمه .. ما أعظمه
الكلمة إيد .. الكلمة رجل .. الكلمة باب
الكلمة نجمة كهربية في الضباب
الكلمة كوبري صوت فوق نهر العُباب
اتكلم .. اتكلم .. اتكلم و إياك أن تتعب

2 comments:

عبدالرحمن رشوان said...

ارحب بك بتحية حارة
وكم أنا سعيد برؤية هذا العمل
و أرى حسا رفيعا وفنا راقيا واضافة حقيقية ان شاء الله
وكم أتمنى من الله أن يجعلها منبرا للحق والحقيقة
أخوك عبدالرحمن رشوان

FadFadA said...

حبيبي بودي
جزاكم الله خيرا على هذه الكلمات الجميلة
و الحمد لله أنك رأيت ما رأيت , من حس رفيع و فن راق , لا أعرف كيف رأيت ذلك , ربما بالعدسة المكبرة
و ربنا يتقبل دعاءك