استيقظ من نومه و هو يشعر شعورا عجيبا
أنه ليس هو !!!!0
شعور يسيطر عليه بصورة ملحة . نعم , هو لم يعد هو , بل يشعر بشدة أنه شخص آخر غيره !!!0
شعور عجيب غريب , و لكن هذا هو ما يشعر به بالفعل
هدّأ نفسه , هو بالتأكيد لم يستيقظ بعد , بل مازال نائما , و ما هذا الإحساس إلا مجرد حلم مزعج , و بمجرد أن يفتح عينيه سيذهب كل ذلك , سيكون هو هو , و يختفي هذا الآخر
أغمض عينيه ليكمل الحلم المزعج , و لكن من أين له النوم ؟ ماذا لو أنه مستيقظ و أنه بالفعل لم يعد هو ؟ و كيف يتأكد أنه هو النائم و ليس الآخر ؟
قام من سريره و هو ينتفض , هو بالفعل مستيقظ و الإحساس مازال يسيطر عليه
سار و هو مشتت الذهن تماما يتخبط في أفكاره السوداء و أحلامه المزعجة شاردا , وقف أمام المرآة , نظر إلى نفسه طويلا
الوجه هو الوجه , بنفس ملامحه المتعبة المجهدة , الجسد هو الجسد بنحوله و إنهاكه , لم يتغير شيء ! 0
لماذا إذا هذا الإحساس ؟ هو يثق أنه ليس هو , هناك تغير لا يستطيع وصفه و لكن يشعر به قويا مسيطرا بأن روحه لم تعد ملكه , هناك غربة بينه و بين نفسه لم يكن يشعر بها من قبل , هناك بصمة للنفس – إن جاز التعبير – لا تتشابه و لا تتغير هو يفتقدها , هو لا يؤمن بتناسخ الأرواح على الإطلاق , فما تفسير ما يحدث ؟ بالتأكيد سيجد تفسيرا و لكن ليس الآن ... ليس الآن , فليسترح قليلا أولا
قرر أن يكمل يومه عسى أن يذهب هذا الإحساس
عندما عاد في آخر اليوم كان كالتائه يحمل أطنانا من الحيرة على كتفه أثقلته حتى أنه لم يستطع أن يرفع رأسه إلى المرآة لينظر إلى وجهه
هو ليس هو , و لكن العجيب أن أحدا لم يلتفت لهذا و لم يأبه به , تحدث إلى كل من قابله , منهم من سخر و منهم من تفلسف و منهم من نظر إليه و كأنه يقول ( كلنا هذا الرجل ) لكن لم يصل لرد مقنع
هو قد تأكد بأنه ليس هو , هو ببساطة ... شخص آخر , أو بمعنى أدق نفس أخرى
مزيج من الشعور بالخوف و التيه و الشرود يذوب – هو - بداخله ... إنه على مشارف الجنان لا محالة
أخذ جسده يرتعش و لم يعد يستطع أن يوقفه
و لماذا يوقفه !!!؟ فليفعل جسده ما شاء . فجسده لم يعد له , بل هو للآخر الذي استولى على روحه
استراح لهذه الفكرة , نعم لماذا عليه أن يقلق أو يخاف ؟ فهو لم يعد هو , هو ليس له وجود , هو عدم , فهل يشعر العدم بالقلق أو الخوف
هو شخص آخر , فليقلق الآخر بعد ذلك و ليخاف
و لكن ... كيف بدأ الأمر ؟
هو لا يدري أو يتذكر بالتحديد , كل ما يتذكره أن نفسه كانت تسلب منه بالتدريج دون مقاومة إلى أن فقدها تماما
هو لم يعد يتذكر متى بالتحديد كان هو هو , بشخصيته و طبيعته و بصمته , لآخر مرة
كل ما يتذكره أن البداية كانت أقنعة يتم ارتدائها , تتشكل و تتلون , على جسد جامد يعبر عن آخر يتسلل ببطء إلى روحه
لا يتذكر متى كانت آخر مرة عبر فيها عن رأيه هو , و تبنى قناعة هي في الأصل له
لا يتذكر متى كانت له وجهة نظر خاصة , و كأنه منذ الأبد يقتات على أفكار الآخرين
لا يتذكر متى كانت آخر مرة تكلم بكلامه , و ابتسم ابتسامته , أو ضحك بصدق من قلبه ... هو
متى كانت آخر مرة كان فيها حقيقيا , و ليس مجرد صورة تعكس نفسا أخرى أو إناء أجوف يحتوي على آخر ... لا يتذكر
هذا لم يعد يهم , ما يهم الآن و كل ما يعرفه أنه سيرتدي قناعا جديدا , و يبدأ حياة جديدة
حياة لا يكون فيها هو هو , بل آخر جديد
و لكن هذه المرة بلا عودة
و لتعش حياة الأقنعة